17 يونيو 2010

ام سيتى - بين الوهم والحقيقة ... ما وراء الطبيعه - الجزء الثانى


عندما بلغت دوروثي  السابعه والعشرين من عمرها و وقتها كانت تعمل  لدى مجلة العلاقات العامة المصرية  , مما اتاح لها  التعرف على شاب مصرى يُدعى الإمام عبد المجيد كان وقتها طالب يدرس فى لندن وكان واحد من الناشطين السياسيين الاوائل لمناهضة الاحتلال البريطانى لمصر والتى كان يحكمها وقتها الملك فؤاد
وفى عام 1930 عاد الامام  الى القاهرة ودعى دوروثى لزيارة مصر " للمرة الاولى "  وبعد هذا بعام تزوجا ..  وكان مولودهم الاول والذى حرصت دوروثى ان يحمل اسم " سيتىّ  - Sety "   ..!
وبهذا اصبحت  تحمل  اسم " ام سيتى "  وهو الاسم الذى لازمها طيلة حياتها والذى عرفت به ودخلت عالم  الاسطورة والخيال من اوسع ابوبه , واصبحت منذ ذلك الوقت  تجسيد لفكرة التناسخ  والعودة










عملت فى بدايات قدومها واقامتها فى مصر فى مجال المصريات وما يختص بالاثار الفرعونية  ولعل ما اهلها لذلك هو اجادتها للغة الهيروغلوفيه " لغة فراعنة مصر القديمة " والتى كانت تقول  انها تعرفها من قبل ان تتعلم مبادئها ورموزها  فى بداية تعلمها ودراستها للمصريات وحضارة مصر الفراعونيةفى بلدها الام بريطانيا .
افترقت دوروثي و عبد المجيد  واصبحت من المطلقات  وفي وقت لاحق في عام 1936.  ذهبت مع ابنها الصغير  لتعيش في الجيزة بالقرب من الأهرامات ، وسرعان ما أصبحت أول امرأة  تستخدم من قبل وزارة الآثار المصرية ، وعملت مع   د . سليم حسن ،حيث ساعدت  كرسامة فى  تحرير وتصحيح كثيرا من  نماذج وانماط الاثار المكتشفة  فى  'الحفريات في الجيزة.. وبعدها سنوات قليلة قررت الذهاب  والاقامة فى ابيدوس  التى اعتقدتها واعتبرتها بلدها الام الذى عاشت فيه من قبل .
 دوروثي  سرعان ما اكتسب سمعة باعتبارها الناسخة المختصة فى هذا المجال مما ساهم فى  شحذ مهاراتها في علم الآثار. وخلال هذا الوقت التقت أيضا العديد من علماء المصريات في الجيزة. وساهمت فى  تطوير علم المصريات. فضلا عن القيام بأعمال التحرير للدكتور سليم حسن وساهمت بجهد وفير فى اخراج موسوعه دكتور  سليم حسن  وكذا  أحمد فخري

عندما وصلت دوروثى إلى مصر بلدها الحبيب كما تقول  فى كتابها ,  كان لديها شعور كبير في العودة الى الوطن..., هذا الذى كانت تتعايش معه  فى احلامها  التى ظلت تلازمها ولا تفارقها ابداً  , فى هذا الوقت كانت دوروثي لا تزال لديه أحلام ورؤى غريبة فقد كانت ترى ان الفرعون  سيتي الأول  كان يزورها   وان هناك  امرأة  مجهولة تدعي رع حور  كانت تروى وتملى عليها حكايتها التى روتها فى كتابها الذى نشر عام 1981  " ابيدوس المدينه المقدسة " .. والتى كانت تجسد لها شخصيتها فى زمن غابر
فقد كانت تلك المجهولة تأتى  لها ليلا ،  لتروى لها قصة حياتها السابقة في أبيدوس في عهد الملك سيتي الأول وعلاقتها اللاحقة مع الملك .. , والذى تقول انهُ شاهدها  بين الجوارى  فى قصرة .. واعجب بها  وكان يتواصل معها سراً وصارت هى محظية الملك وعشيقته السريه التى يأوى الى فراشها سراً
كانت "  رع حور - ام سيتى " فتاة بسيطة من عامة الشعب وكانت تتمتع بقدر وفير من الجمال .. ربما كانت تشبهها الى حدبعيد , على حد روياتها
وكانت تأخذها فى جولة فى شوارع وباحات وميادين وحوارى وازقة ابيدوس القديمة والتى تقول انها تعرفها جيداً  .. لهذا كانت ترشد هيئة الاثار كثيراً فى تنقيبها
كما انها ادعت انها تعرف مقبرة  اوزريس  وكثيرا من عظماء ومشاهير ملوك مصر فى تلك الفترة .., لكنها لم تكشف عنها حرصاً على قدسية  ومكانة هؤلاء فى نفسها

كانت معرفة " ام سيتىّ " العميقة بتفاصيل  دقيقة عن معبد سيتى الاول بمنطقة ابيدوس  هى المبرر الاقوى فى وجود بعضٌ من الحقيقة فى ادعائتها بانها عاشت فى هذا الزمن .. وما كشفت عنه من اسرار هذه الحقبة من التاريخ الفرعونى وما تم اكتشافه من اثار  واسرار مجهولة  يعد دليل على ان حكايتها  تلمس جدار الواقع بكثيرا من الرمزية التى تبدو غريبة ومبهمه

اذاً " ام سيتى ّ " كانت تحمل روح عشيقة الفرعون سيتى الاول  .. وهو ما يُطلق عليه دارسى العلوم الروحانيه  " تناسخ الارواح " , وبرغم ان هذا الامر يعد مرفوض عندنا  , سواء من الناحية العقائدية او العقلانية او المنطقيه  .. الا ان الاحداث التى تم تسجيلها لهذه السيدة طوال فترة اقامتها فى ابيدوس  والتى امتدت الى ما يناهز الربع قرن " 25 عام " كانت تكشف بجلاء عن معرفة عميقة وموثقة " بدقائق وتفاصيل المكان  والتى كانت تكشف عنها الكشوفات الاثرية  والابحاث العلمية المعنية  بمنطقة ابيدوس الاثرية 
كنت طفلاً عندما شاهدت ام سيتى فى ابيدوس ..  كانت سيدة رغم شيخوختها تضج بالحيوية والذكاء  وملامح تدل على انها كانت فتاة جميلة جذابه وكانت تملك قلباً مفعماً بالحب وروحاً فى غاية التسامح واحساس فى غايه الرقة والانسانية .., ومما يحكى عنها انها كانت رحيمة بالحيوان لدرجة تثير الدهشة  .. ولكم ان تتخيلوا انها رفضت قتل عقرب قد لدغتها بل حرصت على الاعتناء بدفنها وتكفينها ..  وعندما كانت تجد ان احدهم يضرب حيوان كانت تثور وتحاول ضربه
كان لام سيتى طقوس خاصة تؤديها فى باحات معبد سيتى الاول  ومعبد رمسيس الثانى تكاد تصل الى نوع من التعبد ولا تدخل المعبد الا عارية القدمين  وتدور حول المعبد  . واصبح معبد أبيدوس  مزار مقدس في حياتها وأنها تلتزم بدقة بالتقويم المصري القديم ، مع مراعاة الأعياد والصلوات لأوزوريس في الأيام المقدسة.
 أقامت فى منزل بسيط من الطوب اللبن في  العرابة المدفونة " ابيدوس " ، في ظل الهيكل ، مع الحيوانات الأليفة المختلفة بما في ذلك سلسلة من القطط والحمير ،  و أوزة وثعابين في بعض الأحيان.
طوال خمسة عشرون عاما  عاشت بسعادة في أبيدوس ولكن في العقد الأخير من حياتها أصبحت تعانى نوبات قلبية أولاً ثم كانت مقيدة مع كسر فى وركها مما قيد حركتها .

 و قد قالت إنها بنيت مقبرة لنفسها ، ورفضت أن تدفن سواء في المقابر  المسيحية أو مقابر المسلمين ، ولكنها كانت تريد أن تكون قريبا من هؤلاء الأصدقاء القُداما  حيث كانت تشعر أنها تنتمي اليهم والى زمانهم
زاع صيت ام سيتى وانتشر كثيرا .. وكان زوار منطقة ابيدوس  من الاجانب او المهتمين بالحضارة الفرعونية يضعون زيارتها على رأس برنامجهم لزيارة المنطقة .. وقد تم تأليف الكثير من الكتب واعداد الكثير من الابحاث عنها .. كما قام تلفزيون البى بى سى البريطانى بعمل فيلم وثائقى تسجيلى عنها   اُذيع بعد وفاتها  ويعد وثيقة هامة تؤرخ لها لانه تم تصويره معها .. هذا جزء منه ..



ام سيتى ما زالت معروفة فى قرية ابيدوس : العرابة المدفونة "  رغم مرور ما يقرب من ثلاثون عام على وفاتها وما زال المنزل البسيط الذى كانت تعيش فيه موجودا يقوم الكثيرون بزيارته حتى الان
توفيت ام سيتى ام سيتى يوم 21 ابريل عام 1981 م .. ودفنت فى مقبرتها التى اعدتها لنفسها قبل وفاتها  والتى حرصت ان تكون بعيداً عن مقابر المسلمين والمسحيين ولكن قريبة من اهلها  الفراعين !!
 ربما يرى البعض فى هذا البوست نوع من التأريخ لهذه الشخصية .., وانا قد اتفق معهم ..غير انى فى الحقيقة كتبت هذا  لانى كنت افكر كثيراً فى حكايتها  وما اثير حولها فى فترة سابقة من حياتى .. تلك الفترة التى كنت ما زلت فى طور الطفولة وكنت ارها كثيرا وربما تلقيت منها بعض الحلوى والسكاكر التى كانت توزعها على اطفال القرية بعاطفة وحنو كبير
كنت اتسأل .. ما الذى يجعل انسان يترك حياة المدنيّه  ليعيش حياة بسيطة تكاد تكون بائسة .. ما الذى يجعل الانسان يترك بلدة ووطنة لعيش غريباً وحيداً بين اُناس ليسوا من جلدتة ولا من اهله
هناك سر ودافع اكبر من مدارك وافكار طفل ...  ربما  هناك وطن نسكنهُ واخر يسكننا 

ام سيتى بكل تأكيد ظاهرة .. تحتاج الى تفسير اكثر منطقية , تحتاج  ربما الى مدارك اوسع لنتقبل فكرة تناسخ الارواح  والتى تجسدت فى حكايتها بوضوح .., هذا مما جعل البعض يضعها فى ما يسمى " ظواهر ما وراء الطبيعة " والتى لا نملك حيالها الا ان نضع علامة اندهاش  وتعجب كبيرة ( ! )




اخيراً ربما تبادر الى اذهان البعض ان هذه التدوينة تروى قصة خيالية  بعيدة عن الواقع .. الا انها فى الواقع هى حكاية  حقيقة .., وقد كنت واحداً ممن شاهدوا  " ام سيتى " .. وابهرتهم وادهشتهم حكايتها ... لذا هى صيد من الحياة  التى توقفت امام غرابتها فى محطة من حياتى .

ابيدوس العرابة المدفونة

راجع الجزء الاول

.

هناك 9 تعليقات:

  1. عارف يا استاذ طارقالبوست ده رجعنى الى زمن نعود اليه من خلال زكريات عندما تغلق الحياه الحديثه ابواب السعاده فى وجوهناذكرتنى قصته ام سيتى بشخصيات لا ادعى انها باهميه ام سيتى ولكن شخصيات تترك بصمه داخلك قد يكون اللقاء بالشخصيات دى اللقاء الاول والاخير ولكن بصمتها تظل موشومه فى جدار العقل والقلب
    احببت ام سيتى ليس لقصتها التى من الؤكد انها قد حدثت ولكن احببتا لااسلؤبها فى التعامل مع البشر والحيوان
    ولو كانت تعيش عصرنا هذا لااتهمها ذوى العقول الباهته بالسفه
    ولكنها نموذج لكلمه انسان
    وكفى انها عاشت فى مجتمع يتعامل اطفله مف الكائنات الاخرى بغلظه
    تحيه لك على هذا البوست
    وتحيه لروح ام سيتى

    ردحذف
  2. عطش الصبار ... شكراً لحضورك ومورك العطر

    حقاً اللمحات الانسانية فى حياة البشر .. اكثر الاشياء التى تبقى بالذاكرة

    مودتى

    ردحذف
  3. يقال أن الله خلق الأرواح قبل أن يودعها الأبدان بألفي عام في عالم يدعى بـ"عالم الذر" فما تعارف منها وتآلف في "عالم الذر" بدا لك في "عالم الدنيا" شخصاً مألوفاً وكأنك تعرفه مسبقاً مع أنك لم تره إلا اللحظة
    وبالعكس فقد نقابل أشخاص لأول مرة في حياتنا فنشمئز وننفر منهم فذلك لأننا أرواحنا قد أختلفت معهم في "عالم الذر".. أي أن عالم الدنيا هو عالم مكمل لعالم الأرواح وليس مفصولاً
    ففي عالم الذر أخذ الله من بني آدم ميثاقهم وأشهدم على أنفسهم ليطالبهم به في عالم الدنيا وهذا ما أشار له القرآن الكريم تكراراً بـ{لعلهم يذكرون} وإلا ما عساهم يتذكرون!
    لا أقول بتناسخ الأرواح لا أبداً لكن لا يمكننا انكار أن هناك من بأمكانه تحضير أرواح الموتى قديما وحديثاً وقد تكون أُم سيتي قد قابلت احدها.. ولم لا:)
    أو أنها كانت واسعة الخيال فلم تكذب خيالها إلى درجة أن تخضع نفسها لتعيش طقوسه!

    ردحذف
  4. انا من ابيدوس :ام سيتى فعلا امراة عالمة بكل معنى الكلمة _شكرا ام سيتى

    ردحذف
  5. أنا ايضا من أبيدوس لكن مشيئة الله انى ولدت بعد عهدها فكم تمنيت لو انى عاصرتها ..إمرأه ملهمة بمعنى الكلمة.لعلها وجدت السلام فهنيئا وشكرا لكي.

    ردحذف
  6. من أبيدوس إليها,لكم تمنيت أن أعاصرها,ولكن مشيئة الله أنى حضرت الى العالم بعدها بفتره ,ليبقى لنا السيرة فقط, إنكى إمرأة ملهمة بمعنى الكلمة,لعلك وجدت السكينة التى لطالما بحثت عنها,فهنيئا وشكرا لكي.

    ردحذف
  7. السلام عليكم ,
    اختي الفاضله انا حفيدة ام سيتي زوجها جدي اسمه امام عبدالمجيد وليس الامام وشكرا على مجهودك في كتابة قصتها ولك كل التحيه

    حفيدتها دنيا عبدالمجيد .

    ردحذف
  8. لو سمحتي ممكن أتواصل معاكي لاني بعمل موضوع عن جدة حضرتك

    ردحذف
  9. كيف يمكنني التواصل مع حضرتك ؟

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً