13 يونيو 2010

عندما تقع فى عشق ... " مدينة "


هل سبق  ان جربت عشق مدينه ما ..؟
المُدن كالبشر .. يمكن ان تقع فى هواها من اول لحظة .. من اول  نظرة  ..  من اول نسمة 
بالامس كانت الاسكندرية مدينه ذات طابع عدائى وجو خانق ومشهد كئيب .. احساس جديد  وغير مسبوق تجاه محبوبتى الاسكندرية
 الاسكندرية كانت على موعد  لتشييع ضحية الشرطة .. الا انها كانت مدينه بلا ملامح وبلا احاسيس  ... لهذا كنت اشعر  تجاهها هذا الاحساس المقيت والغريب علىّ .., وعندما لاحظ صديقى اننا نشترك نفس الاحاسيس اقترح عليّ الفرار منها ..
فرغنا من العمل المُلح وتركنا الاسكندرية ..  فى اتجاه الشرق
لقد قررنا  الذهاب الى " رشيد " كنوع من الفرار من كئابة المشهد والجو  الخانق والاحساس المُرهق



تبعد رشيد عن الاسكندرية مسافة لا تتعدى الـ 60 كم تقريباً وبعد حوالى نصف ساعه كنا على مشارف رشيد التى استقبلتنا بنخيلها  الثامق واشجار الموالح التى تتفجر بالحياة على جانبى الطريق الدولى  الذى يربط مُدن الساحل الشمالى لمصر " و دول الشمال الافريقى " كلها ..
رشيد مدينة مصرية عادية ..  الا انك تقع فى هواها لبساطتها المُفرطة ..
  لعل النيل الذى ينتحر على حدودها الشماليه  والذى ينتهى سعيهُ وتدفقه الحسيس من اقصى جنوب الوادى   منتحراً ومنتهياً هنا الى البحر الابيض المتوسط ليٌنهى رحلة النهر الخالد .. لعل هذا  النهر  اضفى على طبيعتها الخلابة لمساته الساحرة فبدد  ملوحة البحر بمائه العذب تاركاً احساس مريح لزائر المدينة

رغم زيارتى المتعددة  للمدينة الا انى هذه المرة شعرت نحوها شعور جديد ...  انه العشق .., ولا افُشى سراً اذا اعترفت ان رؤية النيل كانت ذات لمسة سحريه  على نفسى ..
اول ما يلمس احاسيسك عند مشاهدة النيل فى رشيد هو الرضى والاريحيه .., للنيل فى رشيد مظهر مختلف كل الاختلاف  عنه فى اى مدينه اخرى .. النهر العجوز  يجدد شبابة عندما يلمس شواطىء رشيد .. ,  تجده اكثر صفاء  واكثر رقة وتشعر انه اكثر عذوبه .. واكثر رويةً وحكمة
تجد لسانك يلهج بالشكر لله عز وجل .. على ما حبىَ  به مصر , النيل نعمه كبيره لا نقدرها ولا نُوفى حق الشكر عليها للوهاب
النيل هنا ليس شديد الغور  بل تكاد تلمس مائة وانت تسير على كورنيش رشيد  والذى لا يحجزك عن النهر ولا يملك  اسوار ولا حدود .. نعم لاتجد اكثر من متر واحد تقريباً بينك وبين ماء النهر وانت تسير على الكورنيش  ..لعل الاقتراب من صفحة مياة النهر الساكنة والمنبسطة فى هدوء وسكينه لها دور فى هذا الاحساس
الحياه هنا بسيطة  و المدينة اكثر بساطة بابنيتها التى لاتتعدى طابقين او ثلاث  ..  مدينه  رخيصة وغنية بالخيرات  من الاسماك  والخضار الغض الطازج ..  لا زحام  و لا ضجيج  او صخب
والناس هنا بسطاء طيبون  تلمح فى وجوهم الرقة والدعه ..
لهذا كانت وجبة من الاسماك  اول طقوس التعرف على المدينه ..  والتى تشعر انك تعيش فى حقبة زمنية بعيدة  لفرط رِخص الاسعار وعندما تعرف اسعار الطعام فيها...  المدينة لاتشعر فيها الترف والسرف .. ولا تلمس فيها خديعة المَدَنيه التى يعتبرها البعض نوعاً من الرقى
وربما تندهش عندما تشرب الشاى على مقهى على الكورنيش وانت تنظر الى سكينة وروعة وجلال النيل .. وتنهى جلستك لتجد انك لم تدفع اكثر من جنيهات قليلة لا تتعدى الخمس انت ومن معك ...!!
بعد ان ادينا صلاة العصر فى احد المساجد العتيقة على الكورنيش ( تأتى رشيد فى المرتبة الثانية بعد القاهرة فى وفرة الاثار الاسلاميه) كان من الواجب القيام بجولة على صفحة النيل  ... 

تشعر بنوع من الحميمية والحب الدفين لهذا النهر وانت تمتطى ظهرهُ على  (فلوكة - مركب - قارب صغير ) تجوب بك هذا الفضاء وتلك الساحه الواسعه  الرحبه  , يغمرك نوعاً من الراحة وتلمس بين خلجات نفسك نوعاً من الاريحية والدِعه  .., وكلما اوغلت فى النهر اذداد شعورك بالامان والراحه وامتلىء صدر بهواء نقى  وقلبك بحب سرمدى  .. وتجد ان سعادة خفيه تتسلل الى روحك وانت ترى ضفتى النهر تحتضنان احاسيسك ومشاعرك فى رقه وعذوبه
عندما اَذَنت الشمس بالمغيب تحول النهر الى صفحة ذهبيه واكتسى حُلة خلابة ...  ذادته سحراً وجلالاً
   عدنا الى ضفة النهر ... كان الكورنيش اكثر حياة .. ووجدنا اهل المدينة يسيرون  الهوينة فى جماعات فى سكينة وهدوء مجموعات من الشباب والصبيةُ   او الاُسر   ...  هنيئاً لكم اهل رشيد بمدينتكم الرائعة البسيطة .. الهادئة
مر الوقت سريعاً ولولا  نداء الهاتف المُلح  لما استفقنا  من هذى المتعه 
وعدنا الى مدينتا  الغالية  الاسكندرية بعدما  ازلنا ما ران على نفوسنا  من الكبت و غيرنا رتابه حياتنا .. وجددنا الشوق والحب لعروس البحر " الاسكندرية "
نصحية ..  رشيد  تستحق ان تحظى بزيارة   .. فلا تُفوت الفرصة ولا تحرم نفسك متعه "عشق مدينه "



هناك تعليقان (2):

  1. عشقٌ للبساطة
    نفتقد هذه الاجواء و هذا الوصف المريح . هنيئاً لك أيضا بلحظات كهذه

    ردحذف
  2. R.larki سعيد بمرورك العطر
    مصر بلدكم ونشرف بزيارتكم ... شاكر لكم هذى اللفته الكريمة

    مودتى

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً