رمتنى الايام الى النزول بدار احد اقربائى فى مدينه بعيدة ... كضيف مُحتفى به
وقد بالغ مضيفى فى اكرامى وتييسر سبل الراحة والاقامة ايما مبالغة
ولم يترك الرجل من جهدهِ باب الا طرقه ... ولم يغادر صنف من اصناف الكرم والاكرام الا تفنن فيه
الا ان ظروفى كانت تفرض عليا البقاء لفترة ليست بالقصيرة فى هذه المدينه.., ومهما عددت من الاسباب والحُجج والحيل لم يكن هناك مفر ولا مهرب الا ديمومة البقاء فى ضيافةٌ امضتنى واتعبتنى بما يبذل فيها حتى وان كانت عن طيب نفس وسجية كريمة
فما كان بُد مما ليس منه مهرب
واستمرت اقامتى على الرغم منى ليس من ذهد وانما شفقة وتقدير لهذا الرجل الذى ارهقنى بما يبذل ويُسخر لراحتى قدر جهده واستطاعته اضعاف مضاعفه
فكنت اعود من عملى ومهامى اليوميه متاخراً ومتعللاً بالعمل " رغمى انى كنت اقيم فى نُزل " اقضى فيه سويعات من نهارى ولا استطيع ان اخبر صاحبى هذا بالامر حتى لا يغضب ويظن اننى اجد بعضاً من عدم الرضى فى اقامتى عنده .., والتى تُعد عنده نوعاً من العار والخزى الذى لا يرضاه
كما كنت اتظاهر بالارهاق والرغبة بالنوم مبكراً حتى لا ارهقة بالسهر معى .., واتعمد النزول مبكراً رغم ان عملى لا يتطلب هذا
كم هو صعب العيش والحياة فى دار غير دارك ..
شعرت بهذا الامر .. واحسست بقيمة البيت والسكن حتى وان كان ابسط من بسيط
ربما كنت اشعر هذا احياناً فى اسفارى والاقامة فى الاوتيلات حتى وان كانت خمسة نجوم
نعم لا تشعر بالراحة والسكينة الا فى بيتك .. وفى المكان الذى تألفة " ويألفك" .. المكان الذى يعيش فيك وتعيش فيه
ذكرنى هذا بقصة شهيرة تناقلاتها كتب الادب العربى والتى تروى حكاية " ميسون "
وهى "ميسون بنت بحدل الكلبية" ام يزيد بن معاوية بن ابى سفيان
حيث انها كانت من الباديه من بنات نجد بجزيرة العرب وكانت ذات جمال باهر , اعجب بها معاويه وتزوجها .., واعد لها قصر منيف على احسن من يكون البناء وكان مشرفاً على غوطة دمشق وهىء لها فيه كل اسباب الراحه والبذخ ظناً منه ان هذا يسعدها ويجعلها تعزى نفسها بالغربه والبعد عن الاهل
ولكن ميسون تذكرت نجداً مسقط رأسها وحنت إلى الأهل وذات ليله غلبها الشوق والحنين فبكت وأنشدت :
لبيتٌ تخفق الأرواح فيه
احبُّ إلي من قصر منيف
ولبسُ عباءة وتقر عيني
أحب إلي من لبس الشفوف
وأكلُ كسيرة في كسر بيتي
أحب إلي من أكل الرغيف
وأصواتُ الرياح بكل فج ّ
أحب إلي من نقر الدفوف
وكلبٌ يبنح الطراق دوني
أحب إلي من هر أليف
وبكر يتبع الأظعان صعب
أحب إلي من بعل زفوف
وخرقٌ من بني عمي نحيف
أحب إلي من علج عنوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الطريف
الا ان معاوية بلغهُ ما قالت ميسون فقال: ما رضيت أبنة بحدل حتى جعلتني علجاً عنوفاً ؟ هي طالق ثلاثاً.
ثم سيرها إلى أهلها في نجد وكانت حاملاً بابنه يزيد فولدته بالبادية وأرضعته سنتين ثم أرسلته إلى أبيه غير نادمة , بل كانت مزهوة بعودتها إلى ترابها وأترابها رغم أنها فارقت معاوية .
تذكرت قصة ميسون .. وقلت صدقت بنت الباديه
لبيتٌ تخفق الأرواح فيه .. احبُّ إلي من قصر منيف
حقاً لا شىء اشهى واقرب الى النفس من بيتك .. ومهما وجدت من صنوف وانواع الاحتفاء والراحه الا انك لا تجد الراحة الا فى بيتك
لا حرمنا الله واياكم من نعمة السكينة ومن جنة بيوتنا
صدقت والله .. لا راحة للانسان الا فى دارة
ردحذفكنت اعتقد انى وحدى ما يقتلنى هذا الشعور كما لازمنى دائما الاحساس بالذنب تجاه مضيفى
ردحذففانا لااجد السعاده حقا الا فى بيتى
واعتقد ايضا ان بيتى يعرفنى ويهلل لعودتى
خاطره جميله اسعد دائما بزياره مدونتك فشكرا لك
مرحباً عطش الصبار ...
ردحذفحضورك دائماً من دواعى سرورى وامتنانى
تحياتى
مرحباً " مجهول "
ردحذفسعدت بمروركم العطر
كل البشر فى الغالب تتشارك هذى الاحاسيس
مودتى