08 يناير 2011

انفجار الوعى المصرى ..!



"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"[آل عمران:64] 

كلماتى ربما تكون اليوم مُخضبة بمٌسحة مرارة واحساس متوطن بالاستياء والانزعاج .
الاسبوع الاول من 2011 كان مشحوناً بالتوتر  فى مصر..  والان وبعد مضى ثمانية ايام من العام (الميلادى) الجديد ، اظن انه بالامكان  ان اتحدث عن احداث "كنيس القديسين " بالاسكندرية وما تركت تلك الاحداث من ظلال قاتمة لازمتنى طيلة الايام الماضية.



لن اشجب ولن اندد كما انى لن اتوعد او اهدد ، ببساطة لان الامر خرج من حيز المعقول الى رحابة الا معقول ، وتحول الامر من احداث دامية  مقيته ومرفوضة الى لون اخر من الاحداث يُلوح بالويل والثبور وعظائم الامور ، لا يوجد انسان على وجه البسيطة يمكن ان يقبل او يتقبل  هذا النوع من الافاعيل ولا يمكن ان يُمرر اى انسان له مشاعر واحاسيس هذا اللون من سفك الدماء والقتل الغير مبرر تحت اى شريعه او تشريع  ، وبرغم ما صدمتنى الاحداث المأسوية  الا ان صدمتى فى ردة الفعل الشعبية  من الاخر و الاعلامية والامنية  كانت اكبر ، ولا اعتقد ان  رفض الحادث او شجبة سيكون كافياً خاصة اذا كان بهذا الشكل وتلك الطريقة التى صدمتنا من الاعلام  والخطاب السياسى المصرى  او حتى ما  مارسه معنا مسيحى مصر على مستوى ( المواطن المسيحى العادى  او الكنيسة متمثلة فى القيادات الدينية الكنسية ) لدرجة رفضهم لخطاب رأس الدولة المتمثل فى شخص الرئيس مبارك
فبدون مقدمات تحول كل المسلمون الى قتلة وجزاريين وسافكى دماء الابرياء ، وتحول كل ما يحمل صفة او ثمة الاسلام متهماً ، وطفت على السطح جيف نتنة من الاعلام الخطابى الذى يُذكى النار ولا يهدئها ، حتى انتقلت الحُمى والعدوة الى الاعلام الخارجى
 فمن المؤسف انه فى بلد اسلامى  بات فيه من يؤدى فرائضة الدينية البسيطة  ..موضع شُبة ومسار ازعاج للجهات الامنية ، فى بلد اسلامى يمثل فيه المسلمون الغالبية والسواد الاعظم بات المتمسكون بدينهم وتعاليمه  او حتى اعراف مجتمعهم الاسلامى موضع شبه ومحل ريبة  ونعتوا باقظع وافظع النعوت ، وتحولوا الى ارهابيين ، فلم يكن من المستغرب فى هذا المناخ المشحون  ان نرى هذه الفزعه وتلك الهجمه ، ولم يكن من المستغرب ان نرى رجالات الدولة من القيادات السياسية  او الدينية  يقفون موقف المتهم الذى يدافع عن جريمة لم يرتكبها ويحاولون ان يبرروا  ما حدث فى صِغار اقرب ما يكون للمهانه والذل  ، بتصريحات ومقالات وخطابات تنزف مذلة وانكسار ، وصار العزف على وتر الفتنة الطائفية هو اللحن الاكثر رواجاً عند الناس ، حتى ليكاد المتابع للامر من الخارج  ان يظن جرائم الغالبية المسلمة ضد الاقلية المسيحية  اكبر واعظم من الحصر والاحصاء وافظع من ان يحتويها الستر والكتمان او التجاهل والنسيان ، لان هذا ما بدى من الخطاب الرسمى المصرى من رجالات السياسة والوزراء ورموز الوطن من المثقفين ورجال الاعلام
يا اهل مصر رفقاً بانفسكم ورفقاً برحمكُم الذى يجمعكم ... رفقاً بمصر  ، ويا شركاء الوطن رفقاً بالوطن الذى يجمعكم ويجمعنا .. ولا تغلوا فيما  تقولون او تطلبون ولا تتمنوا ما لستم له بمُقدرين  او على توابعه بقادرين ، يا اصدقائنا وجيرننا المسيحيين رفقاً بانفسكم ووطنكم  ولا تعزفوا لحن الطائفية والاقلية المسيحة فى مصر  ، وانتم تعلمون جيداً ان هذا هراء وسخافات غير مقبلوة او منطقيه ولا يصدقها عاقل عاش او تعايش معكم فى مصر ..، فهل انتم حقاً مضطهدون دينياً فى مصر ..؟
هل انتم فعلاً تعاملون معاملة الاقلية المضطهدة سياسياً واقتصادياً ..؟ هل انتم لاتجدون انفسكم  متواجدون او ممثلون  فى مؤسسات وكيانات الوطن ..؟ ، كل مصر تهُب لتُشارككم  افراحكم واتراحكم .. كل مصر لا تفرق بين مسيحيتكم ومعتقدهم ، كل مصر تعاملكم وتتعامل معكم فى ابسط واعظم شؤون الحياة اليومية  ..  فى الاسواق والمتاجر ومؤسسات الدولة  الحكومية .. فى المحاكم او المستشفيات  والمصانع و العيادات والبنوك و كل ما يهم الناس فى حياتهم ومعاشهم .. فهل انتم صادقون فى توجهكم واحساسكم بالانعزالية وغلبة واضطهاد الاخر لكم ..؟!!
ما الجريمة التى اقترفتها انا كمسلم .. وها انتم تصرون على اظهارى  ونعتى باننى احد  القتلة السفاحين ويدى ملطخة بدمائكم .. هل اذيتكم انا بشخصى فى انفسكم او دينكم او معيشتكم  حتى اجد نفسى فى بلدى مُحصار هذا الحصار بتذكيرى بجريمة لم اعرف من مرتكبها او ما هى دوافعه الخفية .. فى نشرات الاخبار فى الصحف  حتى فى خطبة الجمعه  صدمنى كلام  الامام وهو يوضح لى " كمسلم "  سماحة الاسلام  وما توقف عن تذكيرى بهذا طوال خطبة الجمعه  مرة بالتذكير وسرد ما يثبت تسامح الاسلام ومرة بالدفاع عن الاسلام وبراءتة من الجريمة  النكراء ..، فى كل مكان محاصر انا بهذا الكم من الابواق التى تدافع والتى تشجب وتندد وتصرخ وتتوسل ان يغفر لنا الاخر  جريمتنا بأناَ مسلمون  .. حتى يغفر لنا الرب  .. وليتهُ يرضى !
المتابع للامر وردود الفعل الشعبية والرسمية ربما يرى فى كلامى هذا نوع من المُذايدة والتذيد على ما حدث ، وربما يرى انى لست  ممن يواسون او يتعاطفون معى المسحيين واهالى  القتلى فى حادث كنيسة القديسين ، ولكن اود ان اقول لهم ان ردود الفعل الحقيقة والمشاعر المتأججة كانت اعلى ما تكون واوضح فى مدلولاتها من خلال ما قيل او طُرح على الانترنت من مسيحى مصر ، سواء فى المنتديات المسيحيه  التى تبث الضيغنه والشحناء ليل نهار والتى يُظهر القائمون عليها او رودها كماً مُرعب من البغض والكراهيه  غير مسبوق كما يبدو هذا بوضوح فى غرف البالتوك  او فى تويتر  او الفيس بوك ، وكثيراً من المواقع المسيحية على الشبكة .
مما جعلنى اشفق عليهم مما يمكن ان يحدث  من ردود فعل و من تبعات لهذا الخطاب المتشنج والملىء بالافترأت والاكاذيب ، والذى من شأنه ان يفتح ابواب من التفسير الخاطىء والمشوهه للاخر ، والذى سيكون مردوده غير محمود بالنسبة لهم على كافة الاصعدة ، ولا اقصد بهذا العٌنف على وجه التحديد ..، بل قصدت اشياء اخرى كالمقاطعه والاعتزال السلبى او المعاكس كما وصفه احدهم  على بعض المواقع على الشبكة  وهو يتسأل
ما حال المسيحيين لو حدثت مقاطعه لمتاجرهم وشركاتهم وحتى فى الاعمال الخاص مثل المحاميين او الاطباء والصيدليات وغيرها ..؟ او على الاقل  معاملتهم بالمثل فى هذا المجال  فهم لا يشترون الا من المتاجر المملوكة للمسيحيين ولا يذهبون لاطباء او ... او  ... الخ  إلا من المسيحيين ...
هل انتم ستكونون راضون اذا انتشر هذا اللون من الكلام  بين الناس  ، جيراننا واصدقائنا المسيحيون  انتم ونحن مصريون رضيتم هذا ام ابيتموهم ، فلتضعوا قصة الدين والمعتقد جانباً ولا تغالوا فى تضخيم الاحداث وتزرعوا الشقاق والخلاف وانتم تدركون تماماً ان من فعل هذه الجريمة النكراء التى نرفضها قبلكم ليسوا مسلمين ولا ينتمون الى اى دين  ، ولا تتبعوا من يرفع لواء الانفصال والعزلة  فهم يريدون هذا لمصر  ليس من اجل مسيحي او مسلم  ولكن لاهداف اخرى اعتقد انكم تعرفونها جيداً
شركاء الوطن اتمنى ان تنظروا للاحداث بنظره اكثر واقعيه وعقلانية ، ولو كان هذا حدث معكم اليوم .. فليس من المستبعد ان يحدث لشركائكم غداً  وبنفس الايدى التى ارادت ان توقع بينكم ، كل هذا بهدف ان تتحول مصر ساحة للقتل وميدان للفتن ، رفقاً بانفسكم  .. رفقاً بالاخر ...  رفقاً بالوطن .

يُتبع
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً