12 يونيو 2010

فى دولة الاوغاد .. ((القمع أساس الملك))


لم استغرب كثيراً عندما بلغنى الخبر .. فابسط ما يمكننى وصفهُ به انه   خبر عادى ومكرر (سراً وعلاناً )
انما كان استغرابى من الصخب الذى حدث وكأن الامر لم يحدث من قبل  او لن يحدث من بعد
والاغرب من هذا ان من اثاروا الضجة  يعيشون فى البلد ذاته ويتعايشون بلا مبالاة او احساس مع ما هو افدح واكثر ايلاماً
فى بلد لا يوجد به  قيمة او معنى للانسان .. من السفه ان نتحدث عن حق للانسان
فى بلد تحول فيه جهاز خدمة الشعب  الى اداة لقمع الشعب  من العبث ان يغضب هذا الشعب او يثور .., فى بلد  لاقيمة ولا ثمن للانسان من العبث ان نتحدث عن قيمة للانسان وهو سلعه بلا  ثمن فى سوق النخاسه




فى بلد دستوره يحمى حقوق القمع ويُعلى قيمة الاذلال ويرفع شعار لاصوت يعلو فوق صوت الدولة الظالمه.., بلد يحكمها البوليس  لا تثور ولا تغضب ولا تحتج .. بلد تُعطل القانون والدستور وتُعمل قانون اخر يسمى  "قانون الطوارىء"  يستمر لعقود ثلاث مهمته سحق الانسان..  لا قيمة للانسان
قصيدة قديمة لنزار قبانى  وضع فيها دون ان يدرك  دستور وقانون هذا البلد
1- القمع أساس الملك
2- شنق الإنسان أساس الملك
3- حكم البوليس أساس الملك
3- تأليه الشخص أساس الملك
4- تجديد البيعة للحكام أساس الملك
5- وضع الكلمات علي الخازوق... أساس الملك
....  هذا ما اقره الشاعر دون ان يدرك انه  يُشرع ويُقنن  ما سيتحقق بكل بشاعه
ما حدث فى الاسكندرية للشاب خالد سعيد (28 سنة ) على يد رجال الشرطة من اذلال وضرب حتى الموت  بقسم " سيدى جابر " ليس سوى حلقة من مسلسل " ارهاب الدولة " والذى اصبح اطول من المسلسلات المكسكية  .., مسلسل  سرمدى لن ينتهى  ما دام الصمت والخوف يملك الناس .., ولا عزاء للاذلاء الجبناء
الواقعه حدثت على مراىء ومسمع الناس .. وكل من تصادف وجودة  شارك فى الجريمة " بالصمت "
كلنا شركاء فى الجريمة .. شركاء بالسلبية تجاه انفسنا  وتجاه الاخرين كلنا اعداء للوطن اعداء لانفسنا .. كلنا مجرمون فى حق الانسان   .., فى حق الانسانية
الكثير من الصور التى تجسد ممارسات واعمال رجال الشرطة على اختلاف رتبهم  يمكنكم ان تحصلوا عليها منتشرة على الشبكة .. كل من يرى الصور يسب ويلعن الشرطة .. 
الا انى ارى ان من يستحق اللعنه هم المواطنون لسلبيتهم وخوفهم ..
المستغرب فى هذى الصور ان رجالات الامن يمارسون القمع والضرب بضمير ميت وبلا اخلاق .. وكأن المواطن قد قتل ابنائهم وسلب اموالهم ودمر حياتهم " حسبُنا الله "
صدقونى  لو ان هناك ثأر قديم .. بين الشرطى والمواطن  ربما كان اقل عدوانيه  مما نرى بالصور
وما يذيد الامر غرابه هى نظرة الناس لما يحدث وتعاطيهم وتفاعلهم مع ما يرون بلا مباله  وبسلبيه منقطعة النظير ...!!
اتمنى ان تمعن النظر فى الصور  ولاحظ نظرة الناس وهم يشاهدون ما يحدث
المثل المصرى الشعبى يُوصف الحالة فى ايجاذ وبراعة .." قالوا لفرعون ايه فرعنك .. قال ما لقبتش حد يردنى "  هذا هو حالنا بالفعل وهذا هو الوصف الذى يليق لحالنا
لا اعتقد ان هناك من يحمل  سوى البغض والكراهيه لجهاز الشرطة الان فى مصر .., ولهذا اصول وجذور تاريخيه فينا نحن المصريون , مترسخة من ايام الاحتلال البريطانى فهى ليست جديدة او دخيلة على مجتمعنا الذليل  انه " الخوف من العسكرىّ " وانتقل هذا الخوف الى الشُرطى المصرى , الذى تقلد  دور الطاغية المتعالى والذى يرى نفسة اعلى وارقى من الناس ويتعامل معهم بكل تعالى واذدراء , ولا اعتقد ان هناك مواطن يُكن اى نوع من الاحترام  لرجال هذا الجهاز القمعى  والذى تنصل من مهمتة الاساسية ( الشرطة فى خدمة الشعب ) ليستبدلهُ   بالشرطة لارهاب وقمع واذلال  الشعب
ليس هذا مقام لسرد حلقات من مسلسل الاذل والقمع فكلنا يحمل ذكريات ومواقف يمكن ان يضيفها الى سجل الشرطة المُشرق فى التعامل مع المواطن .. ., وليس هذا مقام للاسى او الترحم والتأبين على اخر ضحايا الشرطة " خالد سعيد "  .. , وانما هى فرصة لتلقى التعازى فينا وفى كرامتنا وانسانيتنا المهدرة , فرصة للعمل على محاولة حماية هذا الجيل والاجيال القادمة .. والسعى لاخراج مركبات  الذل والهوان من نفوس ابنائنا , هى فرصة لنعيد السؤال ..
ماقيمة الحياة الذليلة ما قيمة الحياة ان خلت من الكرامة  .. ما قيمة الحياة بدون امان  .. ما قيمة الحياة .. بلا انسانية ؟
وهل سيبقى عند اولادنا اى ولاء  للوطن  او حب لهذا البلد .., والى متى سيظل حلم الخروج والهروب من مصر يراود  ابنائها ..؟
من يستطيع الحياة  او البقاء فى دولة الاوغاد يستحق ما هو فيه من المهان والذل ..ولا يستحق ان يُصنف بين البشر.
 هناك سؤال يحيرنى كثيراً خاصة عندما شاهدت صور التعذيب التى تعرض لها الضحية على يد زبانية الشرطة
الصور اقل ما توصف به انها لا انسانية " وجدت من الافضل عدم اعادة نشر الصورة البشعه لاثار التعذيب على جثته كنوع من احترام وحرمة الموتىَ "
اتسأل ..  ما هذه الرغبة التى تجتاح مخبرى  الشرطة فى التمثيل بضحايهم .. ما هو شعورهم وهم يمثلون بالضحية ..,وهل يشعرون بكل هذى اللذة التى تجعلهم يستمرون فى جريمتهم بلا رادع انسانى ..؟
هل يستمتعون باذلال الناس واهانتهم ..  هل يتلذذون بتعذيبهم والتمثيل بهم .. وقتلهم ؟؟
هل هم يحملون كل هذا الكُره والحقد على البسطاء ممن يقعون تحت قبضتهم
اتسأل ..  من يفعل هذا .. هل يمكن ان يكون انسان   .. هل هم بشر ؟
لن اخاطب ضمائهم  .. لانهم بلا ضمائر
لن اخاطب انسانيتهم .. لان الانسانيه منهم براء
لن اخاطب قلوبهم  لانهم بلا قلوب ...  لان اُذكرهم بعدالة و قصاص الله  .. لانهم بالتاكيد لا يؤمنون بالله
ولكن اخاطبكم  انتم  ..اسألكم  .. الى متى الصمت والخوف ؟
أفراد الجوقة، و العلماء، و أهل الفكر
و أهل الذكر، و قاضي البلدة
... يرتعشون علي وقع الطبلة

الطرب الرسمي يجئ كساعات الغفلة
من كل مكان
الطرب الرسمي يعاد كأغنية الشيطان
و علينا أن نهتز إذا غنى الشيطان
... و تصيح -أمام رجال الشرطة- آه... آه
يا آه آه... يا آه

طرب مفروض بالإكراه
آه... يا آه
هل صار غناء الحاكم قُدسى ككلام .. الله ..!!؟   نزار قبانى
  يمكنكم قراءة قصيدة نزار كاملة والاستماع اليها بصوته من هنا

هناك تعليقان (2):

  1. احنا فعلا ياستاذ طارق محتاجين دراسه اجتماعيه ونفسيه توضح ايه اللى حصل للمجتمع المصرى ايه كميه البلاده والا مبالاه اللى بنعيشها ونمارسها بلا ادنى تأنيب ضميروكاننا اصبحنا نمارس الكلام ونرتاح وكاننا ادينا ما علينا مع اننا نعلم انه قد اكلنا يوم اكل الثور الابيض
    اوافقك واوافق على كل حرف مكتوب فى البوست نحن السؤلون عما يحدث لنانحن وافقنا بسلبيتا وكاننا بمناى عما سيدث الدور قادم علينا
    سيكون فى كل بيت خالد سيكون فى كل بيت ام تحجرت الدموع فى عينيها من هول الصدمه والقهر
    فالنستمر فى طريقنافالنغمض عينانا
    فلنذهب الى اسرتنا وننام ملء جفوننا
    فقد حققنا ما اراد منا الاوغاد تحقيقه
    شكرا لك استاذ طارق 

    ردحذف
  2. مرحباً " عطش الصابر "
    (فلنذهب الى اسرتنا وننام ملء جفوننا)
    هذى هى مصيبتنا .. فى انفسنا

    شاكر مروركم الكريم اختى الغالية

    مودتى

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً