15 سبتمبر 2010

الله أرجوه بالتوحيد يختم لـي ... مختارات من بُردة البوصيرى


الشيخ عبدالعظيم العطوانى



"الله أرجوه أن الذنب يغفره
و كسر قلبي بالغفران يجبره
مضى زمان الصبى و الله يستره
و جاء شيبي الذي قد كنت أحذره
مخبرا أن عمري راح أكثره
لو كنت أعلم أني ما أوقره
كتمت سرا بدا لي منه بالكتم"


فى عطلة العيد اُتيح لى الاستماع الى قصيدة البردة بصوت الشيخ العطوانى ، هذا الرجل الذى اجاد واتقن اداء هذه القصيدة حتى باتت مقترنه به وصار مقترن بها
القصيدة من شعر الامام البوصيرى " ولها حكاية " ربما يتاح لنا فى بوست اخر الحديث عنها ، لاننا الان اردنا الحديث والاستماع اليها بصوت الشيخ  او المنشد " العطوانى " ، وقد اخترنا لكم منها هذا الجزء الذى يتناول نوع من النصح والتذكير اكثر منه مدح للرسول محمد " صلى الله عليه وسلم "




 الابيات تحمل كثيرا من الحكمة والروعه سواء فى السياق او اختيار الالفاظ والمعانى ، والتى بلا شك تلمس الاحاسيس وتهز المشاعر ، وهذه القصيدة تتبع نسق معين يعرف باسم " المُسبعات" ، اى كل سبع ابيات منها يربط بينهما رباط واحد واحد  ويجتمعوا فى قافية واحدة فى الست ابيات الاوائل بينما يأتى البيت السابع  من كل مقطع بقافية واحدة تربط ابيات القصيدة كلها بقافية تنتهى بحرف ( م ) .. يمكنك ملاحظة هذا من خلال ابيات المقاطع المختارة
غير ان اقتران القصيدة بالشيخ العطوانى اعطهما نوع من الخصوصية والاتقان المفرط ، من خلال صوت الشيخ الشجى   المعبر والمؤثر ، واتقانه واحساسة بالكلمات والمعانى العميقة ، لهذا انصحكم بالاستماع الى  الابيات  اثناء القراءة .. وهذا من خلال تشغيلها اولاً من خلال المشغل الموجود فى نهاية هذا البوست .. حتى تتم الفائدة ونصل للغايه المرجوه ، لانها بكل صدق تجربة لابد ان تأخذك معها  الى هذا العالم وهذا النوع من الفن والابداع
تقول كلمات القصيدة :


مولاي صل و سلم دائما أبدا
على حبيبك خير الخلق كلهم
مولاي صل و سلم دائما أبدا
 على البشير و آل البيت كلهم

الله يعلم ما بالقلب من ألـم
و من غرام بأحشاء و من سقم
على فراق فريق حل في الحـرم
فقلت لما هما دمعي بمنسجم
على العقيق عقيقا غير منحسم

أمن تذكر جيران بذي سلم
 مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

الله لوع أحشائي بضارمـة
لا ينطفي حرها يوما بساجمة
و كم سألت و نفسي غيرسالمة
هل جاء فيح قبا منها بناسمة
أم من لواعج أشواق ملازمة
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
و أومض البرق في الظلماء من إضم
 
الله أفهم قلبي منذ كنت فتى
فلا تراني لغير الحب ملتفتا
متى خلا منهم طي الضمير متى
كم عاذل عاداني بالعذل ما سكتا
و صاحبي صاح بي لما إلي أتى
فما لعينك إن قلت أكففا همتا
 و ما لقلبك إن قلت استفق يهم

الله يشهد أن الصب منكظـم
من الغرام و في أحشائه ألــم
كأن فاه من الكتمان ملتجــم
و دمع عينيه من جفنيه منسجم
من حر نار لها في قلبه ضــرم
أيحسب الصب أن الحب منكتم
ما بين منسجم منه و مضطرم

الله يذهب ما بالقلب من علل
و من سقام حشا الأحشاء من غلل
و من دموع جرحن الخد من بلل
بزورة لفريد حل في حلـل
إن حلها مذنب أخلته من خلل
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل
 و لا أرقت لذكرالبان و العلم

الله يطفئ نار بالحشا اتقدت
اسلت دمعي من الأجفان ما خمدت
أشار قلبي لطرفي عندما وردت
شهود وجدي على خدي بما وجدت
و كم إشارة وجد منك قد وجدت
فكيف تنكر حبا بعدما شهدت
 به عليك عدول الدمع و السقم

الله يرحم صبا في الهوى افتتنا
ما حالف السهد حتى خالف الوسنا
و أنت تخفي الهوى و الوجد و الحزنا
أليس قد فهت عن أشعارهم علنا
و قلت قد نلت من هجرانهم محنا
و أثبت الوجد خطي عبرة و ضنى
مثل البهار على خديك و العلم

الله عن حي أهل الحي أفرقني
و هم همي بأحزاني يحرقني
و الغم عم و همع الدمع أغرقني
فقلت لما أتى لوني ليسرقني
و الطيف ضيفي أتى باللطف يطرقني
نعم سرى طيف من أهوى فأرقني
و الحب يعترض اللذات بالألم

الله ألقى أمورات مقدرة
في لوحه قيد من كانت مسخرة
قلوب أهل الهوى أضحت مكسرة
دموعهم بالدما باتت مكدرة
رجالهم أصبحت بالوجد مخبرة
يا لائمي في الهوى العذري معذرة
 مني إليك و لو أنصفت لم تلم

الله لوعني بالحب من صغـر
فلا مفر من المحتوم في القـدر
إلى متى اللوم يا خالي من الفكر
ألا ترى الدمع من عيني كالمطر
و الجسم ذاب من التبريق و الجير
عدتك حالي لا سري بمستتر
عن الوشاة و لا دائي بمنحسم

الله سر الهوى في القلب يودعه
من الذي يالئيم اللوم يمنعـــه
يا لائمي كف قلب الصب يوجعه
من الملام و ليس اللوم يمنعه
سألتك الله إن اللوم يصدعه
محضتني النصح لكن لست أسمعه
 إن المحب عن العذال في صمم

الله أرجوه بالتوحيد يختم لـي
عند الممات و هذا منتهى أملي
مضى زماني و لم أصلح به عملي
و جاء نصحي مشيب الرأس من أجلي
و لست أصغي لنصح منه واخجلي
إني اتهمت نصيح الشيب في عمل
و الشيب أبعد في نصح عن التهم

الله يلهم نفسي الرشد إن وعظت
و يصطفيها بقول الصدق إن لفظت
كم ذا وعظت و هي للوعظ ما لحظت
و كلما قلت رقي للنهى غلظت
و في مراحي الهوى نامت و ما يقظت
فإن أمارتي بالسوء ما اتعظت
 من جهلها بنذير الشيب و الهرم

الله يحجب عنها العجب و البطرا
لأنها تركت لي في الهوى ثمرا
عجبت في أمرها كم أقدح الفكرا
و ليس تقرأ لي من قبلها سفرا
من الملوك و أهل العلم و الفقرا
و لا أعدت من الفعل الجميل قرى
 ضيف ألم برأسي غير محتشم

الله أرجوه أن الذنب يغفره
و كسر قلبي بالغفران يجبره
مضى زمان الصبى و الله يستره
و جاء شيبي الذي قد كنت أحذره
مخبرا أن عمري راح أكثره
لو كنت أعلم أني ما أوقره
 كتمت سرا بدا لي منه بالكتم

الله يحرس نفسي من عمايتها
لعل تحظى بخير في نهايتهــا
كم حملتني ذنوبا في بدايتهــا
و كم تروم مزيدا عن كفايتهـا
و ليت تأمر خيرا في ولايتهــا
من لي براد جماح من غوايتها
 كما يرد جماح الخيل باللجم

الله يحفظها من سوء كبوتها
بهوة اللهو إذ تهوي لشقوتها
هنها و ذرها و لا تركن لذروتها
و إن دعتك لأمر دع لدعوتهـا
فهي التي أحرقت من سوء قسوتها
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها
إن الطعام يقوي شهوة النهم

الله يرفع عنها العجب و الكسلا
لأنها ألبستني في الهوى حللا
فلا تدعها تثير العجب و الخيلا
و كن عن اللهو يا مغرور منعزلا
و اسمع لما قال فيها شيخنا مثلا
و النفس كالطفل إن تهمله شب على
 حب الرضاع و إن تفطمه ينفطم

الله آتاك عقلا كي تعليه
على هوى النفس رخصها لتغليه
و نوره فاجتهد حتى تجليه
على فؤادك و احذر أن تخليه
من زينة الزهد فيها كي تحليه
فاصرف هواها و حاذر أن توليه
 إن الهوى ما تولى يصم أو يصم

الله أكبر إن النفس ظالمة
و إنها بأمور الشر عالمة
تروم لو أنها للعقل خاصمة
فاحذر عليها إذا ما هي مخاصمة
و اعكف رضاها لأن النفس آلمة
و راعها و هي في الأعمال سائمة
 و إن هيا استحلت المرعى فلا تسم

الله يؤتيك في الدارين نافلة
إن رجعت عنك نفسا منك خاتلة
فإنها لم تزل للغش مائلة
فجنب القلب يا مغرور غائلة
منها و دعها مدى الأيام خاملة
كم حسنت لذة للمرء قاتلة
 من حيث لم يدر أن السم في الدسم

الله يخليك من حب و من خدع
إن كنت للنصح يا هذا بمستمع
كم أكلة أهلكت من غيرما وجع
و جوعة فتكت بالخلق من ورع
فكن بما جاء من قوت بمقتنع
و اخش الدسائس من جوع و من شبع
 فرب مخمصة شر من التخم

الله يرضى إذا ما النفس قد ملئت
خوفا و رعبا و تخليصا بما هزأت
و إن ترم أنها مما بها برئت
و إن تراها بغير الله قد كلئت
فحثها للتقى حثا و إن خلئت
و استفرغ الدمع من عين قد امتلئت
 من المحارم و ألزم حمية الندم

الله يرفع عنها الضر و الألما
إن أنت حققت ما يأتي به نعما
و إن تكن بجميل الستر معتصما
فقدم الخوف و اجعل همك الندما
و مقلتيك على التفريط سحهما
و خالف النفس و الشيطان و اعصهما
 و إن هما محضاك النصح فاتهم

الله يخزيهما كم أقسما قسما
بالله زورا و كم للقلب قد قصما
فاحذرهما فهما كم هتكا حرما
للخلق بالملق لا بالحق  ابتكما
و كن إذا حكما للحكم متهما
و لا تطع منهما خصما و لا حكما
 فأنت تعرف كيد الخصم و الحكم

الله يعفو بفضل منه عن زلل
و عن خطايا عظيمات و عن خلل
جنيتها في زمان ضاع في كسل
فكن على زمن التفريط في وجل
و لا تمل نحو ما قد طال من أمل
استغفر الله من قولا بلا عمل
 لقد نسبت به نسلا لذي عقم

الله يحميك من ريب و من شبه
إن كنت للنصح يا هذا بمنتبه
و تسمع الوعظ كي تحظى بمشربه
إن تسع ما خاب ساع في تتببه
و دع قليب المعنى في تلهفه
أمرتك الخير لكن مأتمرت به
 و ما استقمت فما قولي لك استقم

الله يجعل هذ النفس قابلة
للخير و الرشد و الانصاف مائلة
لعل تعمل يوم الحشر غائلة
إذا أتيت و كم حملت راحلة
من الذنوب و كم أوثقت زاملة
و لا تزودت قبل الموت نافلة
 و لم أصل سوى فرض و لم أقم

الله يذهب عني الوجد و الوجلا
إذا أتست ليوم حل فيه بلا
و قيل هذا الذي لم يسلك السبلا
أقول يا رب ها قد جئت مبتهلا
و ليس قدمت لي علما و لا عملا
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى
 أن اشتكت قدماه الضر من ورم


نترككم الان لتستمعوا الى الابيات بصوت الشيخ العطوانى




او من هنا








نبذه عن الامام البوصيرى :
هو الإمام شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري ، ولد في 1 من شهر شوال في عام 608 هـ في قرية دالاص ببني سويف بصعيد مصر ، لأسرة ترجع أصولها لقبائل من البربر ، و إنتقل البصيري إلي إلي مصر و درس اللغة العربية و الفقة و الأدب ، و كان الإمام البصيري يكتب الشعر منذ صغره ، و إشتهر بالمدائح النبوية و أشهرها علي الإطلاق ( نهج البردة ) ، و توفي الإمام البوصيري بالإسكندرية عام 695 هـ عن عمر بلغ 87 عاما .

نبذة عن الشيخ العطوانى :

الشيخ عبد العظيم العطواني منشد قصيدة البردة المعروفة؛ إحدى أشهر قصائد المديح النبوي، إن لم تكن أشهرها جميعا، وهي القصيدة التي بوأت لصاحبها شرف الدين البوصيري -بما حظيت به من مكانة لا تنافسها فيها سوى البردة الأم لـ كعب بن زهير - إمامة فن المدائح النبوية، وقد اقترن العطواني بها، فصار لا يعرف إلا بها ولا ينشدها إلا هو، ولولا بعده عن وسائل الإعلام وإصراره على البقاء في صعيد مصر لكان من أشهر المنشدين.
وكان من أهم من تأثر بهم الشيخ العطواني هو الشيخ محمد متولي الشعراوي عام 1983 ، وكانت أشرطة الكاسيت تحمل قصيدة البردة للشيخ العطواني قد انتشرت، وكان لقاؤه بالشيخ الشعراوي بحضور الشيخ محمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي الأسبق، وكان الشيخ يماني من المرددين في الجلسة وراء إنشاد العطواني.                                                                                             م : ويكبيديا

هناك 4 تعليقات:

  1. عيدكم مبارك وأيامكم سعيدة وكل عام وأنتم بخير وياربي ينعاد عليكم بتحيق الأماني..

    ردحذف
  2. بارك الله فيكم سماع البورده من الشيخ العطوانى تولد احساس عالى وروحنيات جميله فى حب نبينا عليه الصلاة والسلام خاصه بالطريقه التى تفضلتم بها اى السماع مع القراءه

    ردحذف
  3. حفظك الله ياشيخ وبارك الله فيك وفي اولادك

    ردحذف
  4. الله ينور عليك
    عندك البورة كاملة مكتوبة

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً