28 يونيو 2010

اسكندريه ماريه ... و كان ياما كان


تصادف ان ركبت اليوم سيارة تاكسى " اجرة - ليموزين " .. السائق رغم عمرهُ  المتقدم الا انه يتمتع بحيويه واشراق واضح على ملامج وجههُ .
السلام عليكم  .. رد ببشاشة وترحاب كبير .. وعليكم السلام ورحمة الله ..اهلا يا ابنى
وكالعادة بعد ركوب التاكسى تبادر السائق  بوجهتك ..  لذا بادرت قائلاً  :  صفية مع السلطان - اشارة الى تقاطع شارعىّ صفية زغلول مع السلطان حسين .
رد السائق البشوش : يا اهلاً باحبابى
رغم استغرابى من ردهُ الا انى لم اعلق ولم اكترث كثيراً  ..




غير انه عاد مواصلاً كلامه وكأنه اراد ان ينبهنى او يثير اهتمامى  فقال : ايوه  دول حبايبى  وحبايب اى واحد عاش ايام ما كنت اسكندرية ماريه بحق ( اى هاذين الشارعين احبهم ويحبهم كل من عاصر وتعايش فى مدينه الاسكندرية فى زمن سالف )
وكأنه ينكر ما وصل اليه حال الاسكندرية الان
عاد مواصلاً حديثة  بصوت جهورى : انا يا ابنى عمرى 72 سنه  عشت فى الزمن الجميل .. شفت اسكندرية ايام ما كانت اسكندرية  وللاسف طال عمرى لحد ما شفتها دلوقتى " الان "
انتوا جيتوا فى زمان  ماسخ  "سىء - مُر " 
اسكندرية يا ابنى كانت احلى مدينة على البحر المتوسط .. كانت مقصد لكل الجنسيات ..كنت تشوف هنا ( اجريج وارمن وطليان )( يونانيين وارمانيين وايطاليين )  .. كانوا الاجانب من كل الجنسيات  يجوا هنا  يشتغلوا  ويفتحوا محلات  ومصانع و فبريكات و  ورش  كانوا بيحبوا البلد دى اكتر من بلادهم
شوفو دلوقتى المصريين متبهدلين فى كل الدنيا ومالهمشى تمن " ليس لهم ثمن - قيمة "
ايامها كانت مصر بلد له قيمة ومكانه  .. كان الجنى المصرى " الجنية المصرى "  عملة قوية  وله قيمة وشنه ورنه .. , وكانت كل جنسيات الدنيا تتمنى فرصة زيارة البلد دى والعمل والعيشة  فيها ...  انت عارف ان ملك ايطاليا كان له فيلا هنا فى اسكندرية  يجى لها للراحة والاستجمام ..
كنت ارد عليه بايمائة خفيفة وابتسامة 
يواصل الرجل كلامه  قائلاً :كانت الخيرات كتير  .. اجمل فاكهه واحلى اكل .. كل حاجة كتير والخير وفير ...وكنا نصدر فواكهنا  وخضارنا  لكل الدنيا ..كان نمرة واحد .. كنا نمرة واحد فى كل حاجة العلم  والرقى و الثقافة والفن ....اااااااايه دلوقتى كل حاجة مساخة (مُرة) ما لهاش " ليس لها "  طعم  ولا ريحة " رائحة "
عنما وصلنا الى الاشارة الواقعه عند استاد الاسكندرية مع شارع البطالسة وجدنها مغلقة  مما دفعه ليوصل كلامه ..  كان شارع فؤاد دة يا ابنى ما تلاقيش فيه الا السيارات الفارهه  الرُزرايز  .. البويك ... الامبرجينى ... الخ , كانت الشوارع نظيفة  وفاضية ما فيهاش حد ... ولا زحمة وكانت الناس مبسوطة وسعيدة  كان الهوى نضيف " نظيف - نقى "  وكانت اخلاق الناس حلوة  وكانوا دايماً مبتسمين
سكت وهو يجتر ذكرياته وقد ارتسمت على وجهه علامات الاسى والاسف ثم قال بصوت خافت  :  فين  ايام ما كان الكورنيش اسمة شارع المللكة نازلى .. الله يرحم ايام الملكيه  .. كانت احلى ايام ..
ما تصدقش يا ابنى حكاية الثورة  .. دى اكبر كدبه خدعوا بيها المصررين  وسرقوا البلد ونهبوها وبدل ما كانت البلد يحكمها ملك اصبح يحكمها السفله اولاد الـ ....  وحكموا البلد بالحديد والنار وكل واحد يستولى على  الحكم ما يسبوش  " لا يتركهُ "..  عبد الناصر حكم البلد 18 سنة ولو ما ماتشى كان لسة بيحكمنا  والسادات برضو  والىّ    وراه ...  ما فيش حد غير محمد نجيب محترم  وعشان كدة ما كملشى  الله يرحموا
عندها كنا وصلنا لشارع السلطان حسين .. فقال لى :  بص شوف الشارع والبيوت العريقة والعماير ( البنايات ) بتاعة زمان  وانت تعرف معنى كلامى  ...!
الله يخرب بيوتهم خربو البلد
وصلت الى مقصدى  وتركت التاكسى بعد ان ودعت الرجل الذى احب الاسكندرية ومصاب بالحزن والاسى لما آلت اليه

غير ان كلماته لم تتركنى.. وظل صدى صوتة ونبرة حديثة تتردد فى اذنىّ
.....  ماذا ينتظر هذا البلد ... والى  اين تتجه  والى  اى نهاية هى تسير ..؟
لا اعتقد ان هناك اى تعليق يمكن ان يضاف  الى هذه الصورة التى نقلتها بكل ما لمست فيها من صدق ومن الم
لك الله يا مصر.


فضلاً انقر على الصور لو اردت مشاهدتها بحجم اكبر



.



هناك 3 تعليقات:

  1. لكنّك قلّما تجد من يبنى منزلا أو عماره جديده و يراعى أن يكون لها شكل جميل !! فهل لأى نظام حُكم دخل فى هذا !! إحنا بقى عندنا ما يشبه عشق القُبح ربّما من كثرة الاعتياد عليه و أصبحت محاربة الجمال سِمَه شِبه عامه لدى كثيرين .. المشكله بقت فينا زى ما هى فيمن يحكموننا بكل أسف :(

    ردحذف
  2. مرحباً زمان الوصل
    قاسية هذه الجملة " عشق القُبح " ... ولكن يبدو ان هذه هى الحقيقة

    اسعدنى مروركم الكريم

    مودتى

    ردحذف
  3. ااسف لما تغير من معالم الجمال والحضارة العظيمة بالاسكندرية المفروض ان يكون محافظ الاسكندرية اسكندرانى اولا انا حزين جدا لما فعله المحافظ السابق عادل لبيب منه لله ده انسان متخلف لا يعرف قيمة وتاريخ هذهالبلد الجميلةويارب تعود احسن من الاول كما كانت فى عهد عبد السلام محجوب بارك الله فيه

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً