07 نوفمبر 2013

الفكك والفاكوك - قراءة معاصرة لفهموم "الفكاكه"



مؤاخراً انتشر علي الشبكات الاجتماعية مقطع صوتي "مُسرب" بواسطة شبكة رصد ، للفريق السيسي فى حوار له مع جريدة " المصري اليوم " من جملة تسريبات دأبت رصد على نشرها فى الفترة الاخيرة

الا ان تناول  الشباب للمقطع قد ركز على جملة وردت فى اخر التسريب  بل ربما كلمة فقط  .. وهى  " فكاكة " .. !!


اتسمت التعليقات بسخرية لاذعة تصل لحد المرارة وربما الاسيَ ، ومع تَعاليِّ نبرة السخرية والتى اخذت لون من العبثية والإِيغال فى تحوير الكلمة لتصل الى معاني مختلفة واسقاطات متباينة وجدنا انفسنا امام درب من دروب البلاغة و المعروفه  عند اللغويين بتصنيفات لغوية على شاكلة  " الايطاء "  او ربما " النحت اللغوي " وهى دروب وصنوف بلاغية يعرفها المتخصص فى اللغة العربية  وعلومها


 ولعل ابرزها ما اطلقهُ البعض اسقاطاً على رتبة عسكرية حيث قالوا " الفكيك الاول " بدلاً من " الفريق اول "

مما دفعنا الى البحث عن الكلمة ومصدرها ، بالتأكيد اقصد فى اللغة العربية ، فوجدنا على سبيل المثال لا الحصر ما يلي  :



فَكَّاك :صيغة مبالغة من فكَّ .
 • فكَّاك الرموز : الذي يحلها ويكتشف معناها .                               المعجم: اللغة العربية المعاصر
                                                                                                                                    م :المعاني

  برغم ما سبق  الا ان المعني فى حوار وكلام الرجل  يرمي الى مفهوم اخر غير كل ما ذُكر ، فهى كلمة  فى العامية المصرية ، وبالتأكيد هى التى قصدها الجنرال فى حواره وهى التى ارادَ استخدمها بمدلولها المصري الشعبي .. وهى تعني فى اللغة الدارجة او الشعبية " التظاهر بالفهم فى كل الامور عن جهل مطبق وقد يصادف التوفيق برغم انه عن جهل " ، وهى كلمة تأخذ اشكال لفظية اخري فى اللغة الدارجة الشعبية فى مصر مثل ( المفهُوميًة / الحداقة / الشطارة / الفهلوه ) ، الا انها عادةً لا تستخدم للذم " برغم اعتباري لها كذلك " بل علي العكس المصريون يستخدمونها عادةً لابداء الرضى او المدح او إظاهر الشخص المنعوت بها  على انه سريع البديهه أَلمَحِيّ وبالوصف المصري الدارج" يفهمها وهى طايره "

هنا نتوقف قليلاً مع امر هام وربما هو بيت القصيد ، فعندما تجري  مثل هذه الكلمة علي لسان رجال الدولة وتحديدا على لسان " الرجل الاول " كما تُصورهُ وسائل الاعلام جميعها  وبلا استثناء  .. يجب ان نتوقف لإستقراء الامر برويةٍ وهدواء وتَمعُن ، لان لغة وحوار الرجل يجب ان ترقي وتسمو على هذا اللون من الكلمات حتى او ان كانت فى معرض حوار خاص او مُسامرة  وَدودهّ , لان الكلمة منه يجب ان توزن  قبل خروجها ، وان كنا قد عرّجنا الى هذا الامر فهو لاثبات حقيقة ارادَ الإعلام ان يعطيها لون مختلف  ويُجملُها لتكون مقبولة وبالتالي تقديم الرجل للشعب بشكل مُغاير ومخالف لما هو عليه .
نحن نعلم ان الرجل لا يُجيد من فنون الخطابة اى لون ولا يملك منها شىء ، فهو يستخدم كلمات بسيطة فارغة المحتوي مثل " بحبكم - انتم نور عنينا - تتقطع ايدينا - بكرة تشوفوا ....  الخ "  حتى اننى اُشفق كثيراً على هؤلاء العاملون فى الاعلام و الصحافة , واشعر بمدي المعانة التى يجدونها عند محاولة ابراز جُمل او كلمات شهيرة وقوية للقائد والزعيم المُلهم "  ليستخدموها فى المنشتات او العناوين فى صُحفهم لتكون عنصر جذب والهام للشعب الواقف على حدود الحب الابله والمتطلع الى صورة الزعيم المُفوهه الذى يُخرج الاهات من حناجرهم  ويلهب اكفهم بالتصفيق كما يريد مُناصروهُ له ان يكون .
اخذتنى الفكرة فأعادتني الى (مونلوج قديم ) لفنان مصري تقمص دور " الصعيدي الطيب والابلهّ " وتميز في هذا الدور وتقريبا  لم يستطيع الخروج من هذا القالب الذى وضع نفسهُ  فيهِ ، حتى صار مُلازماً له طيلة مشوارة الفني .. ولا ننكر انه قالب استطاع من خلاله ان يسكُن وجدان المصريين ، هو الفنان عمر الجيزوي.
المنلوج الذى اقصدة هو " معانا الفكك والفكوك " .
والفكك  والفاكوك  هى الوان من  " العِطارة " والتى لاتجدها الا عند العطار المخضرم ، والمونلوج يصور الجيزاوي  بدور العطار الذى ينادى ويُسوق لبضاعتةُ من العطارة والتوابل  ، ويذكر انواعها وما تحوي من الوان الفوائد .
حقيقةً ما استوقفنى هو امكانية الربط  بين مسخ الصورة والحقيقة فى لغة الخطاب بين الجيزاوي  والجنرال ، الجيزاوي استطاع ان يُسَوق بضاعته ببراعة وباسلوب يشد الناس ويشنف أَذنهم له ، بينما لم يستطع الجنرال ان يصنع هذا الجو من التشويق لجمهورة ، في حين التزم احدهم الركاكة واللغة السوقية فى غير موضِعها بينما استطاع الاخر  تسخير اللغة الدارجة لخدمة خطابهُ 
الجيزاوي يبيع الملموس من العطارة وان كان مردودها هو الوهم , بينما الاخر يبيع الوهم وبدون اى شىء ملموس من تنمية واذدهار " وبُكرة تشوفوا مصر " وهو يجرها الى المجهول ويثقلها بالتبعات
 وغيربعيد عن هذا المعني لا يفوتنا التعريج على الصورة والمسخ فى الرجلين ، وكأني امام صورة كركاتورية ساخرة فى حالة الجيزاوي هى متعمده بلا ادني شك بينما على الناحية الاخري نجدها موغلة فى مسخ غير مقبول رسماً او وسماً او حقيقة ، وكأنى بالاول حاول ان يُظهر ملامحة بالساخرة والاخر حاول ان يطمس حقيقتة باظهار الجدية ..فاضحكنا حتى البكاء ..وهو ينظر الينا من وراء نظارتةُ السوداء.
بقي ان نعرج الى شىء مُلفت الا انه يوضح الصورة ويُثبتها ، صورة كُلاً من الرجلين وهو يرسم الجدية على ملامحهُ الا ان الجيزاوي وصل الى ما يريد من رسم الجدية على وجهه .. بهدف الاضحاك وبالفعل اضحكنا ، بينما الاخر  رسم الجدية على وجهة وهو يهدف الى رسم صورة ذهنية له توحي بالمهابة  .. الا انها  ادت  ايضاً  الى  الاضحاك !
لا يفوتك مقارنة الملامح التى بدت متقاربة لحد بعيد ان لم اقل متشابهه 

اترككم الان مع الفنان " عمر الجيزاوي فى مونلوج " معانا الفكك والفكوك " ولا يفوتنى ان اضع لكم كلمات المونلوج لمن يستعصي عليه فهمها دون فهم معانيها.


معانا الفاكك والفكوك -- معانا الكحل والنشوق 

معانا الحنه الحجازى --- حنى حبايبك واتحنى
 الدنيا بحالها ماتجازى--- ورقه من ورق الجنه
 معانا الفاكك والفكووك 
معانا الفاسوخ والجاوى --- معانا المسك معانا العود
 وصفه مليحه زين قوي -- رقوة من عين كل حسوود
 تخلى حبيبك دمه يروق -- معانا الفاكك والفكوك 
معانا الشيح والبابوني --- والكحل ينطق جوه العين
والصبر جبته وتعالولي--- وازاى عترت وجبته منين
غير العطاره اصناف بالزود معانا الفاكك والفكووك

واخيراً اتمنى ان تستمعوا مع الفكك والفكوك  وحتى تنسوا الفكاكة والركاكة




عمر الجيزاوى, ممثل كوميدى ومنولوجست ولد فى الجيزه فى 24 ديسمبر 1917 توفي في 22 أبريل سنة 1983



. Photobucket

هناك 6 تعليقات:

  1. يعني مافيني عبر بعد يلي انكتب بس يمكن مو شي جديد انو نشوف طاغي ( عفوااااااا) حاكم او ملك او جنرال بيعرف يحكي كلمتين بالفصحى صح, وللاسف اذا ما كان في مين يكتب خطاباتون بمهارة فهنن فشلو بالقاء الخطاب واذا حب الواحد منهم يرتجل من عندو فبتكون الكارثة الكبرى ,,,,,,,,,, ما بعرف ليش كتير مهتمين بالموضوع لانو بالنسبة لهيك حكام المهم الوصول للكرسي ووضع الصمغ عليه والجلوس فوقه حتى لايطير فقط , وباقي الامور من خطابات او تعهدات او معاهدات او اي شي فهو مجرد حبر على ورق او كلام في الهواء ,
    تحياتي

    ردحذف
  2. مرحبا عزيزتي

    انت مُحقة فى كل ما قلتي .... نعم من السهل ان يكتب له احدهم خطابته ..
    ولكن الرجل توهم انه يمتلك القلوب بكلماته الركيكة ... فظهر الجوهر بكل رداءة وبدون رتوش

    المهم شو رائيك بالمنولوج تبع الجيزوي ههههههه

    تحياتى

    ردحذف
  3. طارق كتير حلو صديقي ههههههه جد لذيذ بس يالله لمجرد المقارنة والله حرام بتصدق ....... تحياتي

    ردحذف
  4. الردود
    1. شاكر مروركم اخي الفاضل ... د . محمود رجب
      تحياتي

      حذف
  5. كنت ابحث عن معاني كلمات المونولوج لعمر الجيزاوي رحمه الله
    فوقعت علي المقاله
    سخريه مريره ولابد انها بعد 6 سنوات زادت المراره
    فقد اثري المهيطل كلمات اللغه بكلمات جديده من عينه الصواريخ البلاستكيه وغيرها ممايتطلب مقالا اخر

    ردحذف

التعليقات الواردة تعبر عن راى صاحبها .. ولايعنى نشرها اننا نتفق معها دائماً